الشهادة في فكر الإمام الخامنئي
إن بذل الدماء ليس مقتصراً على الأمة الإسلامية، بل كل النّاس إلى أي دين أو ملة انتموا إذا أرادوا العزة والعيش الكريم، يدعون أتباعهم إلى بذل الدِّماء، ويقدِّمون في سبيل ذلك الأنهار من الدماء، فمنذ وجد الإنسان على الأرض، كان الاضطهاد والظلم وكان الصراع بين الحق والباطل، وبين العدل والظلم، وبين الإيمان والكفر، كان بذل الدِّماء.
يقول الإمام القائد الخامنئي دام ظله:
“وعلى أيَّة حال إن الأمر الذي لا يرقى إليه الشك هو: إن أي بلد يريد أن يعيش عزيزاً على وجه الكرة الأرضية فلا بدَّ له من التضحية التي تستلزم تقديم القتلى والشهداء، وهذا الأمر غير منحصر بالمجتمع الإسلامي فحسب، فالمجتمعات غير الإسلامية تقدِّم من القتلى أكثر مما تقدِّمه المجتمعات الإسلامية”.
بين الدماء الإسلامية وغير الإسلامية
ولئن كان عطاء الدَّم حاجة إنسانية، إلا أن هناك فرق بين الدماء الإسلامية الأصيلة، والدماء غير الإسلامية.
يقول القائد دام ظله:
“إذن هذه أمور أي تقديم الدماء موجودة وتقع في كلِّ مكان، مع فارق واحد وهو: أنه في أي مكان يحكم فيه الإسلام، فإن تلك الدماء لن تذهب هدراً، وأن هؤلاء الشهداء هم أحياء وليسوا أمواتاً. ولهذا يقول القرآن الكريم بأن الاستشهاد في سبيل اللَّه ليس موتاً بل هو الحياة بعينها وهي الشهادة التي تعني الحضور في مقابل الاضمحلال والضياع”.
وقد أشار سماحة القائد في حديثه هذا إلى حياة الشهيد وبقائه، كما ذكر القرآن الكريم:
﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ﴾، ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾
الشهادة دعامة الرسالات الإلهية
يقول القائد دام ظله:
“إن الشهادة إحدى أقوى الدعائم في الرسالات السماوية”.
إن الأنبياء عليهم السلام بعثوا لتأصيل الدين في نفوس الناس، ولنقل الناس من عبودية الآلهة المتعددة إلى عبودية الإله الواحد القهار، وليكون الدين كله للَّه، ولإحقاق الحق وإبطال الباطل، ولنشر العدل والقضاء على الظلم.
والسيرة النبوية العامة، على طول حركة التاريخ، تروي لنا أن الأنبياء وأتباعهم قد تحمَّلوا أنواع الأذى، وواجهوا أنواع الفتن، واصطدمت بهم البلايا والمصائب، وقدّموا تضحيات كثيرة، وسقوا شجرة العقيدة بدمائهم الزاكية.
فثمة عدد كبير من الأنبياء عليهم السلام كان الاستشهاد وعطاء الدَّم، طريقة ارتحالهم من هذه الدنيا، فثمة عدد كبير من الأنبياء وقد تشرّفوا بلقاء اللَّه بوسام الشهادة، ليحفظوا الدِّين وينشروا الرسالة.
يقول القائد دام ظله:
“إن الدفاع عن الإسلام اليوم، كما في صدر الإسلام أيضاً، لا يمكن أن يكون إلا بالتضحية والفداء، وببذل الروح والمال والعلم والجاه وكل ما للمسلمين الصادقين من ذخائر، كلما لزم الأمر، في سبيل الدفاع عن تلك الحقيقة المنيرة والمقدسة. على جميع أفراد الشعب وخاصة العاملين في الحكومة الإسلامية، أن يكونوا قد تعلّموا هذا الدرس من الشهداء، وأن يطلبوا من اللَّه تعالى التوفيق في هذا الطريق…”.